علامات الساعة:
ولا يعلم وقت الساعة إلا الله وحده، قال تعالى: {إن الله عنده علم الساعة
وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري
نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير} [لقمان: 34]، وقال تعالى: {يسألونك
عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو
ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها}
[الأعراف: 187].
وعندما جاء جبريل -عليه السلام- إلى الرسول ( يسأله عن موعد الساعة. قال
له (: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) [البخاري]. وقد أخبرنا ( بعلامات
الساعة، وبين لنا أن لها علامات صغرى، وعلامات كبرى.
العلامات الصغرى: وهي مثل فساد الناس في آخر الزمان، وكثرة القتل، وبعد
الناس عن شرع الله -عز وجل-، وبعثة النبي (، فقد قال (: (بُعثتُ أنا
والساعة كهاتين. (وأشار بإصبعيه :السبابة والوسطى)) [متفق عليه].
وسأل رجل الرسول (: متى الساعة؟ فقال: (إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة).
قال: وكيف إضاعتها؟ قال: (إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)
[البخاري].
والمسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( من كثرة القتل والحروب قبل قيام
الساعة، قال (: (إن بين يدي الساعة أيامًا يرفع فيها العلم، وينزل فيها
الجهل، ويكثر فيها الهَرَج، والهرج القتل) [البخاري]. والمسلم يؤمن بما
أخبر به الرسول ( أن رفع العلم وظهور الجهل وكثرة المعاصي من علامات
الساعة، قال (: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو
الزنى، ويشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء، حتى يكون لخمسين امرأة
قيم واحد) [متفق عليه].
والمسلم يؤمن أن الفتن تكثر في آخر الزمان، وأن الخير له في تجنبها، قال
(: (ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي،
والماشي فيها خير من الساعي) [مسلم].
والمسلم يؤمن بأن في آخر الزمان سوف يتمنى الإنسان الموت، ويفضله على
الحياة؛ لكثرة الفتن وبُعد الناس عن الله، قال (: (لا تقوم الساعة حتى يمر
الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه) [متفق عليه]. والمسلم يؤمن بأن
الساعة لا تقوم إلا على أكثر الناس شرًّا، قال (: (لا تقوم الساعة إلا على
شرار الخلق) [مسلم].
العلامات الكبرى:
المسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( من علامات كبرى تقع قبل الساعة مباشرة،
وقد جاء عشرة منها في حديث حذيفة بن أسد الغفاري حيث قال: طلع النبي (
علينا ونحن نتذاكر، فقال: (ما تذاكرون؟) قالوا: نذكر الساعة. قال: (إنها
لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات). فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع
الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم (، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف
بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن
تطرد الناس إلى محشرهم. [ مسلم].
الدجال:
خروج الدجال يكون هو المؤشر بتغير نظام الأرض، وينتهي ذلك بنزول
عيسى -عليه السلام- وقضائه عليه، ويكون خروج الشمس من مغربها هو المؤشر بتغير الأحوال العلوية للكون.
والمسلم يؤمن- أيضًا-بطلوع الشمس من مغربها، قال (: (لا تقوم الساعة حتى
تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس، آمنوا أجمعون، وذلك حين لا
ينفع نفسًا إيمانها، ثم قرأ الآية) [متفق عليه]. فإذا خرجت الشمس من
مغربها، ورآها الناس آمنوا بالله جميعًا، ففي هذا الوقت لا ينفع الإيمان،
ولا تنفع التوبة إلا أن يكون الإنسان قد آمن من قبلُ، وإلى هذا المعنى
أشار
الله -عز وجل- فقال: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا} [الأنعام: 158].
والمسلم يؤمن بما أخبر الرسول ( من خروج الدابة، وهي دابة يخرجها الله -عز
وجل- ويجعلها من العلامات التي تشير إلى قرب الساعة، فهي دابة تكلم الناس،
وتميز بينهم، فتشير إلى المؤمن وتقول له: يا مؤمن. وتشير إلى الكافر،
وتقول له: يا كافر. قال تعالى: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من
الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} [النمل: 82].
والمسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( عن الدجال، وحذرنا منه، ويؤمن أن كل
نبي حذر قومه منه،. فقد قام ( في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر
الدجال فقال: (إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذره قومه، ولكني سأقول
لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: إنه أعور وإن الله ليس بأعور) [متفق
عليه].
والرسول ( يبين ما يمد الله به الدجال من الخوارق التي يفتن العباد بها.
قال (: (لأنا أعلم بما مع الدجال منه. معه نهران يجريان، أحدهما- رأي
العين- ماء أبيض، والآخر- رأي العين- نار تأجج، فإما أَدْرَكَنَّ أحدٌ
فلْيأتِ النهر الذي يراه نارًا، ولْيغمض، ثم لْيطأطئ رأسه فيشرب منه، فإنه
ماء بارد. وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة -جلدة تغشى البصر- غليظة
مكتوب بين عينيه: كافر. يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب) [مسلم].
والمسلم يعلم كيف يقي نفسه من فتنة الدجال، قال (: (...فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف) [مسلم].
وعندما سئل الرسول ( عن الفترة التي يقضيها الدجال في الأرض قال: (أربعون
يومًا: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم) [مسلم].
والمسلم يعلم أن الدجال سيدَّعي الألوهية، ويأتي على القوم فيدعوهم إلى
عبادته، فإن أجابوه إلى ذلك كثر عندهم الخير، وإن لم يجيبوه أصبحوا في
جفاف وفقر، ويأمر الأرض الخراب أن تخرج كنوزها، فتخرج. ويأمر السماء أن
تمطر، فتمطر. والأرض فتنبت، وهذا كله على سبيل الفتنة للعباد، وسوف ينزل
عيسى- عليه السلام- إلى الأرض في آخر الزمان قرب وقوع الساعة، أثناء وجود
الدجال، فيقتله، ويحكم بشريعة الإسلام.
يأجوج ومأجوج:
والمسلم يؤمن بما أخبر الرسول ( من خروج أمة مفسدة في آخر الزمان، وهي
يأجوج ومأجوج، قال الله -تعالى-: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل
حدب ينسلون. واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا
قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين} [الأنبياء: 96-97].
وعن زينب بنت جحش -رضي الله عنها- أن رسول الله دخل عليها يومًا فزعًا
يقول: (لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم
يأجوج ومأجوج مثل هذا (حلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها)). قالت زينب بنت
جحش: يا رسول الله، أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم إذا كثر الخبث)
[البخاري].
وقد أخبر الله عنهم في القرآن الكريم موضحًا ما صنعه العبد الصالح ذو
القرنين معهم، وكيف حمي الناس من شرهم، قال تعالى: {حتى إذا بلغ بين
السدين وجد من دونهما قومًا لا يكادون يفقهون قولاً. قالوا يا ذا القرنين
إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا
وبينهم سدًا. قال ما مكني فيه ربي خيرًا فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم
ردمًا. آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا
جعله نارًا قال آتوني أفرغ عليه قطرًا. فما اسطاعوا أن يظهروه وما
استطاعوا له نقبًا. قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان
وعد ربي حقًّا} [الكهف: 93-98].
إن الله مكن لذي القرنين في الأرض، فأخذ بالأسباب، وتجول في الأرض حتى وصل
إلى قوم لا يكادون يفقهون قولا، فرأوا على وجهه علامات الصلاح، ووجدوا فيه
القوة، فعرضوا عليه أن يمنع عنهم هذه الأمة المفسدة التي كانت تظلمهم،
وتأخذ خيراتهم مقابل جزء من المال، فأسرع ذو القرنين- الذي يعلم أن هذه
القدرة إنما هي من عند الله تعالى، فقبل أن يحميهم من شر يأجوج ومأجوج
فردم الفجوة التي كانت بين السدين بالحديد والنحاس المنصهر. فلم يستطع
هؤلاء المفسدون أن يقفزوا من فوق هذا السد، ولن يستطيعوا أن يهدموه، حتى
تقترب الساعة فيأذن الله -عز وجل- لهؤلاء المفسدين بالخروج، فيمرون على
بحيرة طبرية في فلسطين فيشربون ماءها كله لكثرة عددهم حتى إن آخرهم يتعجب
ويقول لقد كان بهذه مرة ماء!!
كما قال (: (ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حَدَب ينسلون، فيمر
أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: قد كان
بهذه مرة ماء) [مسلم].