بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه واقتدى بسنته واتبع هداه ، وبعد ؛
فهذا عرض رائع ؛بل أكثر من رائع للكتاب الذي لم يؤلَف مثله في بابه ؛ كتاب (( إظهار الحق )) للشيخ رحمة الله بن خليل الهندي
والكتاب أشهر من أن أعرف به ، ولكني أعجبت بالطريقة التي عرضه بها الشيخ الأستاذ /سعيد حوى رحمه الله تعالى في كتابه الماتع الرائع (( الرسول )) صلى الله عليه وسلم ، فقد عرضه بطريقة ملخصة مشوقة جميلة ، تجعل مَنْ قَرَأَ في الكتاب يتوق لقراءته كله ، ومن لم يقرأه يبادر بذلك .
والكتابان حقيقة ( كتاب إظهار الحق ، وكتاب الرسول ) يعتبران زادا لا غنى عنه لكل من له لهتمام بالدفاع ضد افتراءات النصارى والمنصرين على الإسلام العظيم ، وخاصة كتاب الرسول ، فهو يعرض لكثير جدا من الأمور التي افتروها على نبينا صلى الله عليه وسلم ويرد افتراءاتهم بطريقة معجبة لكل ناقد ، مفحمة لكل حاقد على الإسلام ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم
وإليكم عرض الأستاذ سعيد حوى للكتاب
ولا تنسوا الدعاء له بالرحمة والمغفرة
يقول الشيخ سعيد حوى رحمه الله في كتابه ( الرسول ) ص 466 وما بعدها : "
لعل هذا الكتاب أعظم دراسة نقدية لنصوص الديانتين اليهودية والنصرانية وأدق نقد لاعتراضات أتباع هاتين الديانتين على الديانة الإسلامية ، بحيث يرى أي دارس منصف للكتاب أن يهود اليوم ونصارى اليوم والسابقين لهم إلى فترات طويلة من الزمان ، ليسوا على شيء ، وأن الإسلام وحده هو الذي يصح أن يسمى ديناً ، فهو وحده دين الله الحق في هذا الزمان ومنذ بعث محمد عليه الصلاة والسلام .
ولأهمية الكتاب نعرض صورة مختصرة له هنا ، ثم نأخذ منه ما له علاقة ببحثنا من نصوص لا زالت موجودة - رغم التحريف والتبديل - تبشر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
وقارئ الكتاب يحس إحساساً يقيناً أن المؤلف متمكن من كتب العهدين القديم والجديد تمكناً تاماً ، فكأنه قرأهما عشرات المرات واطلع على كل ما كتبه أهلهما من تفاسير أو شروح أو تعليقات عليهما . وكتب كتابه بعد ذلك ، وسبب تأليف الكتاب أن المبشرين النصارى أخذوا يهاجمون الإسلام مهاجمات عنيفة في الهند أثناء الاحتلال البريطاني ، وركزوا هجومهم حول خمس نقاط فتصدى لهم كثير من علماء المسلمين ، وكان من آثار هذا التصدي أن عقدت مناظرة بين أكثر المبشرين سلاطة لسان وبين مؤلف الكتاب حضرها أكبر رجالات الهند . كان من نتائجها أن انسحب القس المبشر بعد أن قامت عليه الحجة ولما يتم النقاش في المسائل المقرر نقاشها .
والكتاب يناقش المسائل الخمس التي أثارها المبشرون النصارى وهاجموا فيها الإسلام وهي :
1 – إن دعوى القرآن بأن في التوراة والإنجيل تحريفاً وأن اليهود والنصارى حرفوا الكلم عن مواضعه دعوى باطلة .
2 – إن بعض آيات القرآن منسوخة وأن النسخ دليل على أن القرآن ليس من عند الله لأن أحكامه بهذا قابلة للتبديل والتعديل .
3 – إن الله ثلاثة الأب والابن وروح القدس والإسلام يدين بوحدانية الله ومحاولتهم البرهنة على عقيدة التثليث ومن ثم التهجم على عقيدة التوحيد .
4 – إن القرآن كلام محمد صلى الله عليه وسلم وليس كلام الله المنزل وتشكيكهم في طريقة جمعه وتواتره .
5 – إنكارهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء .
والكتاب ناقش هذه المسائل مناقشة دقيقة مستفيضة كل مسألة في باب ، وزاد باباً سادساً تناول فيه العهدين القديم والجديد ، ومع هذه الأبواب الستة فقد كتب للكتاب مقدمة جامعة ، فتألف الكتاب من مقدمة وستة أبواب بحث في كل منها ما يلي :
أ – المقدمة : وتشمل ثماني ملاحظات عامة بين يدي الكتاب ، يذكر في بعضها مراجع الكتاب وطبعات المراجع وسنة طبعها وأين طبعت ، ويذكر بعض عادات المبشرين في بعضها ويعتذر في بعضها عن بعض ألفاظ يستعملها ويبين أنهم يستعملون أشد منها ...
ب – الباب الأول : تناول فيه الكلام على العهدين العتيق والجديد كل باب من أبوابهما ، واستشهد من كلام مؤرخيهم وعلمائهم على تبيان المطعون فيه من الأبواب والآيات ، وبين بالحجج الدامغة أنه لا يوجد لدى علمائهم في كلتا الديانتين سند متصل لأي كتاب من كتب العهدين ثم تناول بعد ذلك ما في كتب العهدين من الاختلاف والأغلاظ ، وبين أن ادعاءهم بأن هذه الكتب الموجودة بين أيديهم إلهامية ، ادعاء باطل ، وساق برهاناً على هذا البطلان سبعة عشر وجهاً لكثرة ما بها من أغلاط وتحريف واختلاقات عجز مفسروهم عن التوفيق بينها ، ثم إن الكاثوليك والبروتستانت يختلفون في الاعتراف ببعض هذه الكتب ، فما يعترف به الكاثوليك ينكره البروتستانت والعكس بالعكس .
جـ - الباب الثاني : أثبت فيه وجود التحريف في كتب العهدين القديم والجديد مصداقاً لقوله تعالى {يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} وأثبت أن بعض هذا التحريف كان عن عمد ، وكان يأتي هذا التحريف أحياناً بالزيادة وأحياناً بالنقصان ، وأحياناً بالتبديل اللفظي ، وساق على التحريف بالزيادة خمسة وأربعين شاهداً ، كما ساق على التبديل اللفظي خمسة وثلاثين شاهداً ، كما أورد عدة مغالطات للمبشرين النصارى فندها ببراهين ساطعة ، ثم نقل على سبيل الاستدلال أقوال النصارى الثقات عندهم من المفسرين والمؤرخين ليزيد حججه نصاعةوقوة ، وبلغت هذه الاستدلالات من أقوالهم الثلاثين قولاً مما يدل على سعة اطلاع وتتبع حريص لإقامة الحجة عليهم من كتبهم وبلسان علمائهم ، وفي ختام هذا الباب أورد أموراً يزول بها استبعاد وقوع التحريف في كتبهم بل ثبت وقوع التحريف .
د – الباب الثالث : أثبت فيه بالأدلة القاطعة نسخ بعض الأحكام في الشريعتين الموسوية والمسيحية بعد أن بين ماهية النسخ ، ثم برهن على أن الأحكام العملية للتوراة نسختها شريعة عيسى ، وأن لفظ النسخ موجود في كلام قديسيهم ، إلى غير ذلك من الأمور الهامة ، مبيناً أكاذيبهم في اختصاص الشريعة الإسلامية بالنسخ ، مبرهناً على أن النسخ في اصطلاح الشريعة موجود مثله عند اليهود والنصارى .
هـ - الباب الرابع : في إبطال التثليث . وهذا الباب ينقسم إلى مقدمة وثلاثة فصول :
1 – المقدمة وهي كمدخل إلى الفصول الثلاثة يذكر فيها اثنتي عشرة قضية ، ككون التوراة مصرحاً فيها بتحريم عبادة غير الله وكتصريح العهد الجديد والقديم بأن الله ليس كمثله شيء ، وأن النصوص المتشابهة محمولة على هذا التنزيه ..
2 – الفصل الأول في إبطال التثليث بالبراهين العقلية ، ويأتي على ذلك بسبعة براهين كلها دامغة في استحالة التثليث من الناحية العقلية .
3 – الفصل الثاني في إبطال التثليث بأقوال المسيح ، ويأتي فيه باثني عشر قولاً عن السيد المسيح من الإنجيل الحالي ، كلها تثبت أن المسيح دعا إلى التوحيد الخالص وأنه رسول فقط وكمثال :
أ – من إنجيل يوحنا إصحاح سابع جملة (3) وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته .
ب – في الباب التاسع عشر من إنجيل متى هكذا .. (16) وإذا واحد تقدم ، وقال له : أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية ؟ (17) فقال له : لماذا تدعوني صالحاً ؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله .
4 – الفصل الثالث في مناقشة النصوص الإنجيلية التي يتمسك بها المثلثون ، وإثبات أن فهمهم لها خاطئ هذا على فرض ثبوتها ، ومن المؤكد تاريخياً بطلان بعضها .
فمثلاً يعتمدون على إطلاق كلمة ابن الله في الإنجيل على مرادهم مع الإنجيل نفسه يطلقها على كل صالح " طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناءالله يدعون " إنجيل متى باب خامس (44) " وصلوا لأجل الذين يسبونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات " (45) نفس المصدر " لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني " يوحنا باب 8-42 .
وهكذا يثبت أن كل نص حملوه على التثليث قد استعمله المسيح على غير ما فهموه في خطاب الناس حتى لا يبقى مجال لمتشكك .
و – الباب الخامس : أثبت فيه أن القرآن من عند الله باثني عشر وجهاً ، وكل وجه كاف لإقامة الحجة ، وناقش الشبهات التي يذكرها بعض المبشرين ، وتحدث بعد ذلك عن السنة وثبوتها ، وبرهن على وجود الروايات اللسانية عند اليهود والنصارى التي سجلت متأخرة مع ملاحظة جواز الكذب عليهم لأنهم يرون الكذب جائزاً في موضوع النقل إذا كان لصالح الشريعة . أما المسلمون فعلى عكس هذا تماماً ، والدارس لموضوع السنة يرى أن أدق نقد في العالم أو سيعرف هو نقد علماء السنة للوصول إلى الحديث الصحيح .
ز – الباب السادس : أثبت فيه نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ودفع فيه كل مطعن توهمه هؤلاء القسس الذين هاجموا الإسلام وقسم الباب إلى فصلين :
الفصل الأول : في إثبات النبوة وسلك فيه ستة سبل ، كل سبيل يؤدي إلى إقامة الحجة بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله .
1 – معجزاته .
2 – أخلاقه .
3 – كمال شريعته .
4 – انتصاره .
5 – حاجة الناس إليه وإلى شريعته .
6 – تبشير الأنبياء السابقين عليه عن نبوته عليه الصلاة والسلام .
الفصل الثاني : في دفع المطاعن التي يتوهمها المبشرون منافية لدعوى النبوة وهم يفعلون هذا مدعين أنهم مؤمنون بنصوص العهد القديم والجديد وأنبياء العهدين ، ولما كانوا مؤمنين بنصوص العهدين القديم والجديد فإنه يذكر المطاعن التي وجههوها إلى السيد الرسول صلى الله عليه وسلم . ويثبت أن رسل العهدين قد فعلوا مثلها أو أشد منها ؛ ويثبت أن بيتهم كله من زجاج ، وأن ما يذكرونه في العهدين في حق الرسل لا يليق بالمؤمنين العاديين فضلاً عن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم المبرئين عندنا من كل مذمة .
ويبدأ الفصل في ذكر تصوراتهم الفاسدة في نصوصهم المحرفة عن الرسل ، وما يتكلمون في حقهم من الكلام القبيح . كنسبة الزنا إليهم والمعاصي ، ويأتي هنا بما لا يستطيع أحد أن يهضمه مما يجعل مقام الرسل وحاشاهم عرضة لسخرية الساخرين ؛ فإذا كان هذا مفهومهم الفاسد عن الرسل فبأي شيء يعترضون على محمد صلى الله عليه وسلم ولم يقع في : أدنى ما ذكروه عن رسلهم كذباً .